|

مفطور الفؤاد...من يُرممه..!؟  

الكاتب : الحدث 2021-05-28 10:12:55

بقلم / حنان محمد الثويني

إنفطار الفؤاد ليس بالأمر السهل ولا الهيّن حين يتعرض له الإنسان 
وتختلف حِدته مابين صغير وكبير 
ومنهم من يتجاوزه ويحيا على (باب الرجاء) من الرحمه، ومنهم من لايتجاوزه ويودي به إلى نهايات أكبر بعدما كانت بدايات صغيره..

إنفطار الفؤاد من المشاعر التي تُصيب الفؤاد بأعتى أنواع الألم الحسي والعاطفي وتتصدع لأجله الشرايين والأورده والأحاسيس ماينعكس ذلك على سلوك الإنسان ومزاجه وعطاءه وتفاعله مع المحيط الإجتماعي والظرف العملي والحياة المتراميه بشكلٍ عام ..

ف أكثر ما تسألت عنه دائماً في حياتي 
هو شعور الأطفال حين تتفطر قلوبهم 
وتتوجع بقدر ليس بالقدر الذي يُستطاع وصفه أو الإفصاح عنه إلا من خلال إدرار الدموع ..!

صادفت في حياتي مواقف عِده مع أطفال تفطرت قلوبهم ، وحاولت أن أستوعب معنى الأحاسيس التي يشرحونها وتلمُس العواطف الحزينة فيها ، لكني وجدتها عواطف مقتوله 
بآثارٍ حيّه لا تنتهي ..!

أذكر في إحدى المرات أني جلست مع طفلة على كرسي متحرك ، تبلغ من العمر قُرابة ١٣ عاماً
وكانت مشوهة الجسد بشكلٍ لافت 
ومن باب الدُعابة قلت لها: ستكبرين وتُصبحين إمرأةً ناجحه ومن ثُم أُماً رؤوم تسعدين ، وتُسعدِين من حولك 
فأشارت إلى جسدها وقالت بكلامٍ ممطوط ومتقطع : ومن يقبلُ الزواج بي وهذا شكلي !!!
وسكبت على حِجرها دمعة هاربه وساد المكان صمتٌ رهيييب ..

وأذكُر قبل أعوام دار بيني وبين (مجهول الأبوين) حوار قصير شرح فيه مشوار حياةٍ طويل، يتخلله الفراق واللوعة والألم..

كان يبلغ من العمر ٨سنوات 
وكنت أجلس على كرسي أنتظر وصول السائق ، وكان يتردد نحوي وينظر إلي 
في محاولة لخلق فُرصٍ للأحاديث ..

نظرت إليه ودنى مني على خجل وقال :
إسمي عبدالله 
وتشبهين أُختي أمل 
أحِب أمل أكثر إخوتي لأنها تعتني بي وتعطف علي وتشرح لي الواجبات المدرسيه ..
كانت عيناه تتأملان المكان وتنظران للبعيد والقريب وتنضحان بالأحزان وكان يتحدث بعبرات خانقه يُحاول إبتلاعها بين الكلمةِ والأُخرى ... يالا حُزني..!
ينظُرُ للأبواب والنوافذ والدموع تفيض خجلى وكأنه يترقب قدوم أحد .. إلا أنه يعيش على أملٍ قد مات..!
أكمل حديثه قائلاً:
أشتقت لأمي وأبي وأختي أمل وباقي أخوتي وغرفتي ومدرستي وأشياءي

لا أدري لما أنا هنا !!
أحضروني على وعدٍ بالعودة من جديد.. ومنذ تلك اللحظةِ ماعادوا أبداً..

إنتهى حديثه وهو يبتلع الحسرات 
ونبضه يتسارع وأنفاسه تعلو، وحزنه في كل نظرةٍ ودمعةٍ يزداد..!

إنه الطفل الذي تكفلوا بتربيته رضيعاً وبعدما كبر وأخذ يسلك مسالك الغلمان أعادوه للدار ،، إنه الطفل الذي يشكو مُسترسلا ومع كل شكوى كنت أبتلع العبرات وتختنق أنفاسي 
وتضيق معه رحابتي أكثر ..
إنه الطفل الذي يحاول جاهداً لئن ينقلني لمواضع آلامه بأسلوب أدقّ 
وتتفلت منه الكلمات والمحاولات 
 وتتكرر على لسانه أسئلةٌ لا تُفيد معها الأجوبة والتبريرات ... فالأمر برِمته بئييييس!


وطفلةٌ أُخرى تبلغ من العمر ٩سنوات تزوج والدها بإمرأة جديده 

جعلت تلك الزوجه من الطفله خادمةً تحت إمرتها وأذاقتها أصنافاً متفاوتةً من العذاب
إذأمرتها أن تقف على قِدرٍ حتى تستطيع الوصول لصنبور المياه وتغسل الأواني 
وعلّمت على جسدها أشكالاً من الكيات عقاباً بخطأ وغير خطأ قد تقترفه الطفله.. لقد كنت أستمع لبكاءها وأنينها وكانت جدتها بجوارها 
تشرحُ تفاصيل ماحدث ..

هؤلاء نماذِجٌ قِله عما يعانيه الأطفال 
من ظلم ولوعات وقهر لاينبغى أن يتعرضوا له في مثل هذه المراحل اليانعه ، إذ أن الكِبار جعلوا من فصول أعمارهم خريف أصفر ! 
 -ماذا عمن يُحمل والده لمثواه الأخير وهو يودعه بالنداء والعويل ؟!
-وماذا عمن تحاول أُمه قتله فتفشل ؟!
-وماذا عمن أنفصل والداه وتركاه هائمٌ في دنيا لاترحم ؟!
-وماذا عمن تيتم وعاش مع أقاربٌ يُعذبونه ويجعلون منه (صبي) الخدمات؟!
-وماذا عمن تُقتل أمه في قصفٍ وهدمٍ ويراها تُحتضر؟!

من يُرمم تِلك القلوب ، ويمسح عنها الضيق الجلل ، ويُخفف من أحزانها 
ويُرقي دمعها؟!
من يُنسيها ذكرياتٍ مُتعِبه ولحظاتٌ خانقه وأحلامٌ يائسه وكوابيس مُخيفه ؟!
من ياترى ..!!

كُل ذلك من أخطاء الكبار، فلولا أخطاء الكبار لما تفطرت قلوب الصغار وتهدمت الأحلام..